terça-feira, 12 de julho de 2011

"العقد شريعة المتعاقدين" يثير الجدل والمخاوف



على نار هادئة.. لجنة حكومية تدرس تعديل قانون العمل، وتغييب التنظيم النقابي
المرعي: لم يؤخذ رأينا في التعديل، ومواد القانون ما زالت صالحة لهذه المرحلة
لوزة: لا يوجد دولة في العالم لديها قانون عمل قائم على (العقد شريعة المتعاقدين)
إن تعديل القوانين القديمة والتشريعات التي أكل الدهر عليها وشرب، هو ضرورة قصوى وإجراء بالغ الأهمية للتخلص من سلبياتها الكثيرة وعرقلتها الواضحة لعملية التطوير. وصدرت تشريعات كثيرة خلال السنوات المنصرمة، بعضها جديد وبعضها الآخر معدِّل لتشريعات سابقة، بهدف خلق بيئة تشريعية وقانونية مناسبة ترضي الجميع. وجهدت الوزارات كثيراً لسن تشريعات جديدة تكون أكثر مواءمة للمرحلة القادمة بتحدياتها ومتطلباتها. واللافت أنه مع كل تعديل لقانون أو مرسوم أو أي نص تشريعي آخر، ثمة انتقادات شديدة توجه بحق هذا التعديل، حتى إن البعض رأى أن التشريعات السابقة ليست أسوأ حالاً من التشريعات الحديثة أو المعدلة. وهذا ما يحدث وينطبق كلياً مع النوايا الحكومية تجاه تعديل قانون العمل رقم 91 الصادر عام 1959، والمرسوم التشريعي رقم 49 الصادر عام 1962، اللذين يحددان العلاقة بين العامل ورب العمل من حيث الحقوق والواجبات لكل ظرف. ويبدو أن هناك أزمة خلافية بدأت بوادر تفجرها بالظهور بين الاتحاد العام لنقابات العمال ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وممثلي القطاع الخاص، بسبب ما يتم من تعديلات على قانون العمل وغياب أو تغييب التنظيم النقابي عن اللجنة المكلفة بدراسة التعديل.
ـ دراسات في الدروج
لا بد من وجود أسباب موجبة تقضي بتعديل القوانين والتشريعات، حتى لا يصبح التعديل هدفاً بحد ذاته، ويتم اقتناص فرصة تعديل أو إصدار تشريعات جديدة لتمرير ما يمكن تمريره، تحت لافتات وحجج واهية. يرى السيد محمد خالد المرعي، أمين شؤون العمل في الاتحاد العام لنقابات العمال: (أن قانون العمل رغم قدمه مواكب للتطورات كلها، ويحفظ أهم نقطة وهي حقوق العمال وحق رب العمل بالذات. وهو متوازن جداً من خلال الحقوق والواجبات. أما بالنسبة للمرسوم 49 الصادر في العام 1962 في فترة كان الرأسمال الخاص يقود البلد وهذا المرسوم يحدد العلاقة من خلال لجان قضايا التسريح بين رب العمل والعامل،.فلا أحد من أصحاب العمل أو العمال يطالب بتعديله). يعدّ هذا الرأي نتيجة لاجتماعات لجنة شكلتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في عهد الحكومة السابقة، وأعدت دراسة تفصيلية حول جدوى التعديل المطلوب. ويؤكد المرعي: أن اللجنة درست نظاماً أساسياً للشركات الخاصة حتى لايقوم كل رب عمل بوضع أو تفصيل نظام على مقاسه. لكن تغيرت الحكومة ووضعت كل هذه الأعمال في الدرج).
شكلت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة الحالية كما يقول المرعي: لجنة قانونية ستضع مؤشرات، ومن ثم تعرض على لجنة يشارك فيها الاتحاد العام لنقابات العمال. لكن ما يصلنا وما نطلع عليه أن هذه اللجنة مكلفة بتعديل قانون العمل رقم 91، ونحن كطرف أساسي وفاعل ضد هذا التوجه المطلق. وقلنا هذا الكلام لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ديالا حاج عارف، وكانت متجاوبة ووعدتنا بأنها ستوجه دعوة إلينا للاجتماع، لكننا لم ندع).
ـ الاستجابة الغائبة
النقابي إبراهيم لوزة، عضو مجلس الاتحاد العام لنقابات العمال، يقول: (تعمل الحكومة حالياً على تعديل قانون العمل، وتستمع الدولة لجهات القطاع الخاص من غرف صناعة وتجارة. وشكلت لجنة التعديل على ضوء اتجاه الحكومة، ولم يتم تمثيل التنظيم النقابي فيها من أجل صيانة حقوق العمال، رغم أن الاتحاد العام لنقابات العمال طلب بمذكرات وأثناء انعقاد المجلس المركزي للاتحاد بضرورة تمثيله دون أية استجابة من الحكومة).
سألنا عن الطرق الأخرى التي يمكن اتباعها في حال استمرار تجاهل مطالب الاتحاد العام لنقابات العمال؟ فأجاب السيد لوزة قائلاً: (التنظيم النقابي يجب أن يخرج هنا إلى الشارع للدفاع عن الحقوق ويحافظ عليها، لأنها أمانة في رقبة التنظيم النقابي).
ـ وهل القانون يسمح بذلك؟
قال لوزة: (الدستور أعطى حق التظاهر) وأضاف: قانون العمل كتب بدم العمال وعلى الحركة النقابية ألا تتراجع عن أحكامه وعما وصلت إليه التشريعات من تطور وحقوق وواجبات).
ـ مطالب ولكن!
لا يرفض ممثلو العمال تعديل قانون العمل والمرسوم 49 على رفضاً مطلقاً، بل إنهم يضعون عدة نقاط جوهرية تحتاج إلى إعادة نظر أو تعديل إن اقتضى الأمر. وأهم هذه النقاط كما يقول السيد لوزة: يجب الانطلاق من قاعدة الحفاظ على الحقوق المكتسبة للعمال، وأن يضاف إليها ما يتعلق بالصحة والسلامة المهنية، وزيادة الأجور، والترفيع الدوري، والتفتيش عن العمل، والإجازات، والرعاية الصحية، وحق الإضراب المهني والمطلبي والمشاركة في مجلس الإدارة، والمفاوضات الجماعية، ونسبة الأرباح، وعدم التمييز في معاملة النساء، وإجازات الأمومة، والضمان الصحي، والتأمين الاجتماعي والتقيد بأحكام اتفاقيات العمل الدولية والعربية ومعايير العمل).
ويقول السيد المرعي: نحن لسنا جامدين أبداً، ومستعدون للنقاش والحوار حتى نصل إلى نتيجة، ولكن من خلال دراستنا للقانون المذكور لم نجد فيه أي شيء جديد، والطرف الآخر لا يقدم لنا أي شيء جديد. وعلى سبيل المثال يجب أن تضغط وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل معنا لعقد اللجنة العليا من أجل الوجبة الغذائية وغيرها من المشكلات).
ـ شريعة الغاب
من أكثر النقاط العالقة التي أثارت حفيظة اتحاد العمال، إضافة إلى تغييبه عن اللجنة المكلفة بدراسة التعديل، اقتراح مفاده أن يكون العقد شريعة المتعاقدين بين العامل وأصحاب العمل. يقول أمين شؤون العمل في الاتحاد العام لنقابات العمال: (نعلم ما تمارسه العولمة والليبرالية المتوحشة من هضم لحقوق العمال، وعلينا أن نناضل من أجل الحفاظ على حق العامل وصاحب العمل)، ويضيف: (بتقديري هذا الطرح غير سليم وغير موضوعي ولا ينم عن وطنية، لأنه استغلال القوي للضعيف، وإن القانون يوضع لتلبية حاجة الناس).
ويرى السيد لوزة: إن المرونة شيء، ونسف حقوق العمال بذريعة مواكبة التطورات وجذب المستثمرين وتسهيل عملهم، أي هضم حقوق العمال ومكتسباتهم، شيء آخر تماماً. إن مقولة العقد شريعة المتعاقدين تعني شريعة الغاب وتخفي مخاطر كثيرة وستصل بنا إلى نتائج كارثية.
ويضيف لوزة: (القضية ليست في المصطلحات والمقولات التي تتلاءم مع الاتجاهات الليبرالية في الاقتصاد، بل في مصالح العمال المكتسبة وحقوقهم، ومن غير المسموح العبث بها، إذ تشكل في قوتها القانونية أداة هامة للاستقرار وسوق العمل الداخلي).
سألنا السيد المرعي: ما دمتم ترفضون مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، فما هي رؤية اتحاد العمال لتنظيم العلاقة بين العامل ورب العمل؟
فأجاب: (يتحكم بذلك القانون رقم 91 والمرسوم رقم 49).
قلنا له:إنكم الآن بصدد تعديله، فأضاف: (لم يؤخذ رأينا في ذلك، ونحن ضد هذا التعديل، لأن مواد القانون 91 ما زالت صالحة، وبتقديرنا أن هذا القانون يلائم المرحلة ويحافظ على حقوق العمال وأصحاب العمل).
ـ هل يوجد غبن لرب العمل في القانون 91؟
يقول المرعي: أبداً، إن رب العمل لا ينظر إلى تعديل القانون 91 ولم يطلب حتى الآن. لقد جلست أنا وإياهم ـ أي أرباب العمل ـ منذ سنتين وتناقشنا ودرسنا القانون 91، ووافقوا معنا على أن تتوافق بعض المواد في القانون 91 مع قانون العاملين الأساسي من خلال المزايا التي اكتسبها عمال القطاع الخاص. وقد فوجئنا اليوم بالتعديل. وما زال المرسوم رقم 49 هو الحكم، ويبدأ من مراحل التحكيم الأول، وصولاً إلى الاستئناف. فهل الغبن يقع علينا أم على رب العمل؟
ـ تسمية جديدة
يقارن المسؤولون دائماً بين قوانيننا وقوانين الدول المجاورة، أو مع القوانين الدولية. وغالباً ما يخرجون بنتيجة ثابتة أن القوانين السورية هي من أفضل القوانين. ولكن تجاه مقولة العقد شريعة المتعاقدين لم نجد هذه الميزة التفضيلية بل يمكن وصفها بأنها كرم زائد عن اللزوم يقدم لأصحاب العمل دون مقابل. يقول النقابي لوزة: لا يوجد دولة في العالم تقول العقد شريعة المتعاقدين، لأنه على ضوء قانون العمل توضع الأنظمة لكل مؤسسة من مؤسسات القطاع الخاص. وعلى ضوء الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها. ولا يوجد حكومة في العالم لديها قانون عمل قائم على العقد شريعة المتعاقدين، وأتساءل: من أين أتت الحكومة بهذه التسمية؟!
ويرى السيد المرعي أن اقتصاد الاتحاد الأوربي كله قطاع خاص، وقد ألغى من تشريعاته مفهوم العقد شريعة المتعاقدين، وأن الأردن آخر دولة عربية أزالت هذا المفهوم، وسبقتها مصر بسنين. ويضيف المرعي: (جلسنا مع ممثلة المفوضية الأوربية بدمشق في هذا الخصوص، وكان لديها تصور أن الاتحاد العام لنقابات العمال ضد القطاع الخاص. طلبنا منها أن تأتي بمبرر لهذا الكلام. وما إن وضعناها في صورة الموقف حتى غيرت رأيها وتصوراتها ومواقفها. ويرى المرعي أن رب العمل لدينا واع لكل شيء ويتطور وعيه إلى درجة أنه يريد أن يأخذ كل شيء دون أن يعطي شيئاً. فهو يتطاول على تأمينات العامل وإجازاته، ولا يريد أرباب العمل الالتزام بالقوانين والتشريعات، وهذه نقطة الخلاف بيننا وبين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي يجب أن تكون الحكم بيننا وبين أرباب العمل.
ويطالب النقابي لوزة جميع النقابات أن تعمل لحماية حقوق العمال من خلال رفع أصواتهم للحفاظ على المكتسبات.
ـ اجتماعات مغلقة
على نار هادئة وفي غياب التنظيم النقابي، الجهة ذات العلاقة المباشرة، تجري اجتماعات مغلقة لتعديل قانون العمل رقم 91 والمرسوم التشريعي رقم 49. وما صدر من معلومات أولية عن اللجنة المكلفة بتعديل القانون والمرسوم المذكورين يبدو أنه لا يصبّ في مصلحة العمال، إن لم نقل إنه تراجع واضح عن المكتسبات العمالية التي تحققت بفضل نضال طويل وتضحيات كبيرة. المسألة الثانية وهي بالغة الأهمية أن سورية وقعت على 11 اتفاقية عربية من أصل 19 اتفاقية، تضمن حقوق العمل والعمال من التسريح التعسفي، الأمر الذي يتناقض مع ما يطرح الآن تحت لافتة العقد شريعة المتعاقدين. إضافة إلى التوقيع على نحو 49 اتفاقية دولية بهذا الخصوص، وهذه الاتفاقيات جميعها تنص على أن تكون الاستشارة ثلاثية على مستوى الدولة لتنظيم العمل وتتألف من الحكومة، والعمال، وأصحاب العمل.
لا يمكن قبول تعديل قانون العمل على نحو يخالف الاتفاقيات المذكورة آنفاً، ولا يحقق مكتسبات جديدة للعمال، وينظم العلاقة بين العمال وأرباب العمل بالطريقة التي ترضي الطرفين وليس على أساس سلطة القوي وعقد الإذعان كما يحدث الآن. وبدلاً من إضاعة الوقت في تعديل القانون يجب العمل على تطبيقه.
أعلى الصفحة

Nenhum comentário:

Postar um comentário